ونحن نحتفل بعيد النيروز نتذكر آلاف الشهداء الذين ضحوا بحياتهم حبا فى الرب ، و نتساءل ما هى الأسباب التى دفعتهم لاحتمال هذه الآلام المبرحة ؟.. لعلنا نتعلم منهم.. ولعل أهم هذه الأسباب هى حياة الفضيلة التى كانوا يحيونها، و من أهم تلك الفضائل التى ساعدتهم على الاستشهاد ما يلى :
1- المحبة:
لا يمكن أن يضحى إنسان بحياته من أجل الرب إن لم يكن يحبه من كل القلب و من كل الفكر و من كل الإرادة . بل و يحبه أكثر من كل شئ ومن كل شخص ، فحينما تملك محبة الله على القلب لا يستطيع الإنسان أن يرى أى شئ يساويها حتى ولو خسر كل شئ [ لكن ما كان لى ربحا فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة بل إنى أحسب كل شئ أيضا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربى الذى من أجله خسرت كل الأشياء و أنا أحسبها نفاية لكى أربح المسيح و أوجد فيه ( فى 3 : 7 -9 ) ] لذلك رأينا الشهداء يضحون بحياتهم غير متأثرين بعواطفهم نحو الأهل و الأقارب وتوسلاتهم ، فالرب هو كل شئ عندهم ، أحبوا الرب اكثر من حبهم للوالدين والأزواج والأبناء .
2 – الحكمة :
إن آبائنا الشهداء لم يكونوا متهورين بل كانوا حكماء ؛ واضعين أمام أعينهم قول الكتاب المقدس [ نهاية أمر خير من بدايته ( جا 7 : 8 ) ] ،[ يوم الوفاة أفضل من يوم الولادة ( جا 1:7 ) ] ، [طوبى للأموات الذين يموتون فى الرب منذ الآن ، نعم يقول الروح لكى يستريحوا من أتعابهم ، وأعمالهم تتبعهم ( رؤ 13:14) ] . إذا كان الأمر كذلك فالحكمة تقتضى أن يحبوا الموت على الحياة .. بـل وإن كـــان [ قد وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة ( عب 27:9 ) ] .. فهل من الحكمة أن يهربوا من الموت الموضوع لكل الناس .. وإن كان الموت سيحرم الإنسان من الدنيا وكل ما فيها ، فهل من الحكمة أن يقضى الحياة فى جمع الأشياء أم فى تنفيذ قول الكتاب [ لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم لأن العالم يزول وكل شهوته معه وأما من يصنع مشيئة الله فهذا يثبت إلى الأبد ( 1يو 15:2 ) ] أليست الحكمة تقول : مادمنا سنموت فلنمُتْ من أجل الرب وحبًّا فيه .. ومادمنا سنفقد العالم وكل ما فيه فلنفقده من أجل الرب بإرادتنا . يا أحبائى لنسمع قول الحكيم الذى اختبر كل شئ وأخيراً وجد أنه [ باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح و لا منفعة تحت الشمس ( جا 2:1 ) ].
3ـ الطهارة :
لا يمكن أن يستشهد إنسان إلا إذا كان طاهراً مستقيماً .. فالخاطئ مكبل بالقيود والأغلال .. و يحتاج إلى أن يتحرر أولا ، ثم يفكر فى حياته ومماته .. أما الطاهر فهو إنسان قوى استطاع أن يخضع جسده ويستعبده ويجعل الروح هى القائد له .. ومحاولات الشيطان وأعوانه من الأباطرة الرومان لإخضاع الشهداء فى الخطية لإسقاطهم فى عبادة الأوثان كثيرة .. ولكنها كانت تنتهى بالفشل.. فهذه قصة شاب أرادوه أن يسجد للأصنام ولما رفض أرادوا إسقاطه فى الخطية فأدخلوه فى حجرة بها سرير ووضعوه عليه وربطوه فيه بالحبال وأدخلوا إليه إنسانة شريرة ولما لم يجد حلاً ومهرباً أخرج لسانه وقضمه فانقطع و انفجر دمه فانزعجت الشريرة وهربت خائفة مما رأت ، ونجا بدمه من السقوط .. وهكذا شابة طاهرة أراد الوالى الرومانى إسقاطها فى الخطية فقالت له أنها ( اخترعت زيتاً إذا دهنت به الرقبة لا يسير فيها السيف .. هل تود أن تجربه ؟ فأنت تحتاجه كجندى ) . فقال لها ( لا ، جربيه أنت أولا ) . فدهنت رقبتها فضرب عنقها فانفصلت رأسها عن جسدها واحتفظت بطهارتها وهى شهيدة أفضل من بقائها حية وهى خاطئة ..
هذه هى بعض دوافع وأسباب الاستشهاد.. ونستكمل فى مرة قادمة.